2010/11/24
قِطعة سُـكر
مرسلة بواسطة ريحانة الإسلام في 10:04 م
تمنحنا الحياة دائما فرصة الإلتقاء بأشخاص جدد، فإذا حدثناهم و حدثونا وجدنا أننا نلتقي في نقاط و نفترق في نقاط أخرى..هذا طبيعي، فلكلّ شخصيته و طريقته في التفكير؛ لكن من الناس من يملك إشراقة لحدّ يجعلك تلتف حوله من أول لقاء، و لا يزال كذلك و لو مضى عمر على لقائكما..
تُصادقه أول ما تقع عليه عيناك، و ربما قبل ذلك..فتحبه ليس لشهرة و لا لمال و لا لمصلحة و لكن لأن قلبك تعرّف على قلبه فتعلق به..فلا تستطيع إلا أن تمنحه قدرا وافرا من مشاعر الحب الصادق، و توليه اهتماما خاصا كمن تمرّدت عليه مشاعره، فلا ترضى الخمود حتى تراه، و إذا رأته اشتاقت إليه و هو بين يديها، أوليست "الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف" الحديث*
لكن من الناس من لا يملك تلك الإشراقة، فقد تراه و لا يعجبك شكله، أو تلقاه فلا تجد فيه ما يجذبك إليه أو ما يميزه عن الآخرين..لكنك إن جالسته و حدثته، أو صحبته، أو عاشرته، رأيت منه ما لم تره عيناك، و سمعت منه ما يسر أذناك..حتى إذا نطقت جوارحه ذُبت هوًى في عالمه البذخ؛ الغريب، أنك مع الوقت تتلاشا لديك فكرة الشكل الغير مقبول، بل إنك لتجد في الشكل نفسه حلاوة و رقة..فذاك الصوت السامق سبق النظرة و زانها، و أخرج مكنون النفس و بيّن حسنها
..كقطعة السكر كلما حركتها ذابت و زادت القهوة حلاوة، لن تهتم بعدها لشكلها أو لملمسها الخشن، و لن يضرك طعم مرارة القهوة فلن يبقى في فمك سوى طعم حلاوة السكر..
هكذا هي صاحبة الخلق..فتاة تشبعت فضائلها فلم تشبع النفس منها، و تغنت سماتها فتغنت حياة القلوب من حولها، هي اللؤلؤ و المرجان بعفتها، و طلعة البدر برفعتها، هي الأم بحنانها و الزوجة بصلاحها، هي صديقة وفية و بنت بارة مرضية..هي صاحبة قضية، تُذكرك حين تنظر إليها بقول الشاعر:
و لو أن النساء كمن عرفنا لفضِّلت النساء على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيبٌ و لا التذكير فخرٌ للهلال
سخية معطاءة لا تخشى الفاقة، تتحدى الصعاب لا تلجمها الإعاقة..لا تشكو من قلة و لا تهتم لمن نعتها بعلة .. تقابل الهجر بالوصل و الظلم بالعفو و القسوة باللين.. تحيى باستقامة و تداوي هموم الناس بابتسامة..
نَابِهَاتٌ إِذَا تَحَدَّثْنَ فَالْآ ذَانُ تُصْغِي لَفَيْضِ عِلْمٍ غَزِيرِ
وَرِياضُ الْآدَابِ يَرْتَعْنَ فِيهَا كَجِنَانٍ مَسْكُونَةٍ بِالْحُورِ
إن كان جمال المرأة يأخذ بلب الرجل الحاذق، فإن جمالها الحقيقي في خلقها و حسن تأدبها و حيائها و نباهتها و حسن تدبيرها..فالمرأة ليست لوحة يُنظر لتصويرها فقط، و كأنها لا تنفع إلا ليبدي الناس إعجابا بصورتها ثم لا ينال منها طائل غير استمتاع لدقائق أو ثوان تعدّ، و إنما خُلقت المرأة لأكثر من ذلك، و الجاحد من ينظر إليها بعين لا تقدّر مكانتها الحقيقية في المجتمع..و المرأة السيئة الخلق أجحد من ذلك الجاحد إذ بخست ذات نفسها و لم تدرك أفضالها بعيشها الرسالة السامية التي وجدت لأجلها،
قرأت مرة مقولة طريفة لعالم رياضيات – علنا نختم بها – حين سئل عن المرأة فأجاب بلغة الأرقام لديه فقال:
إذا كانت المرأة ذات خـلق وديـن فهي إذاً تسـاوي 1
و إذا كانت المرأة ذات جمال أيضــاً أضف إلى الواحد صفراً، فهي إذاً تسـاوي 10
و إذا كانت المرأة ذات مال أيضاً أضف صفراً آخـر، فهي إذاً تسـاوي 100
و إذا كانت المرأة ذات حسـب ونسـب أيضاً أضف صفراً آخـر، فهي إذاً تسـاوي 1000
فإذ ذهب الواحد "الدين والخلق".. لم يبق إلا الأصفار..إذا فهي (لاشيء)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
12 التعليقات:
الكثير من النقاط تم تناولها فيما طرحت عن الفتاة السوية التي لاتقيس الحياة بمبدأ المكسب والخسارة ، الشكل الخارجي ، أتت في محلها من التوصيف الداعم لكل فتاة سوية .
تحياتي لك .
السلام عليكمـ
أعجبني ما قرأتُ هنا ^_^
باركَ الله فيكِ ،،
رائع!!
السلام عليكم
لا فض فوك عزيزتي
فالجمال يؤلف ولا يبقى سوى جمال الأخلاق هو ما يتجدد ويهب للحياة رونق السعادة ...
اعجبتني كثيرا مقولة العالم الرياضي وقد صدق بها تماماً .
دمت بألف خير ..ولا تغيبي كثيرا :)
@تركي الغامدي
بارك الله فيك أخي الفاضل على تكرمك و ما خط يدك، و إنه للطف منك أن تستحسن ما كتبته..
تحياتي و تقديري
@nOmO
أهلا بك أختي الكريمة، و فيك بارك الله و أحسن إليك
كل الشكر لتعليقك الجميل و حضورك الأجمل
تحياتي القلبية لكِ
:)
@فنان مسلم
حضورك الأروع أخي الفاضل،
ممتنة لإصغائك
@ولاء
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أهلا و مرحبا بالغالي ^^
جميل جدا ما قلتِ أختي العزيزة..تعجبني طريقتك في التفكير و نظرتك الراقية للحياة،
لا حرمنا الله بهاء اطلالتك
دمت بسعادة
:)
السلام عليكم ورحمة الله
فعلا موضوع بغاية الاهمية والنقط التي طرحها تحتاج لكثير من الـامل
بارك الله فيك يا طيبة
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته,
و فيك بارك الله أختي الكريمة حلم، سررت بمرورك و تعليقك الطيب ^^
دمت بتفاؤل
:)
السلام عليكم..
كلماتك جميلة وأسلوبك رائع
يدل على أنك إنسانة متزنة... جميلة القلب
أعز الله الإسلام بك
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كلمات رائعة تستحق التوقف عندها
دمتِ في خير
أختي المبدعة والمتألقة كالمعتاد .. ريحانة الإسلام .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أنا الآن أشعر بارتباك شديد كنوافذ النص، و لكن ليس بسبب البرد، بل بسبب الدفء الذي قدّمَته لي القراءة بين دفتي أغصان أسلوبك. لا أُخفيك أنّ بعض النصوص المُكتملة المَلامح تُغريني لأمكث فيها طويلاً .. لأنّها تمنحني الكثير من الألفة وتغرقني في يم من المتعة لا أكره البقاء فيه طويلا .. وأبدا.
بين حروفك شيء يكسر الصمت ويفتح نوافذ اللغة ، فالنثر سيد في لغته وأنت قد تكونين فعل هذا النثر في نصوصك التي تنمو عن قريحة ملهمة ، تحث الروح وتستأنس الفكر.. جميل هو ما اقرأه لك .. قوة السبك ونصاعة العبارة وقوة الديباجة .. متمكنةٌ من ناصية اللغة .. في حين العنوان ينضوي على علامات وإشارات تشي بعوالم النصّ ، من غير أن تفصح عن أسراره دفعة واحدة ، فتقتل لعبة التشويق.
أما بعد .. أختي الكريمة ريـحانة :
الكلام حول الأخلاق وعلاقته بجمال المرأة يأخذنا إلى التمييز بين الأخلاق كفعل وعمل وبين الأخلاق كتمويه ونفاق، فالجمال له علاقة وطيدة فقط بالبعد والمسافة والمظهر .. وإذا أقحمنا الأخلاق هنا، فالأخلاق لا تكتشف إلا إذا أو بعد تواصلنا وتعارفنا وتعاملنا .. يعني الإنسان لا يظهر على حقيقته إلا بعد مدة من التواصل والصداقة أو بعد فترة من المعاملة والاحتكاك بين طرفين أو أكثر.
فهناك من يفتقر إلى حس الدعابة أو إلى حس الفكاهة ، ما إن ترميه بنكتة يغتاظ ويرميك بحجارة !! .. وعليه كذلك التفكر والتبصر، أقصد الكثير لا ينتبه إلى حقيقة السراب وإلى ما وراء الظاهر والمعلوم. إنها أغلبية ساحقة لا تعير .. في اعتقادي .. كل الأهمية للجمال الباطني، الذي يمكننا أن نطلق عليه اسم الجمال الأخلاقي كونه يتشابه مع ما نرمي إليه من التشبث بالقيم الأخلاقية أو بمكارم الأخلاق. وقد تكون المرأة هي السبب الرئيسي في هذا التقصير في حقها وفي هذا (الغباء) أيضا الذي يقترفه الرجال. فالمرأة تتصف بكونها تعتني بالجمال كثيرا، ولا يهنأ لها البال إلا إذا قترضت وقتا من الزمن لتجلس أمام مرآتها وتزين نفسها بدقة وعناية وتطلي وجهها بمساحيق تجميلية حتى تقتنع بمظهرها الجديد والمختلف عن السابق... لا ألومها، فالنساء هكذا يحبن التباهي بجمالهن الإلهي ويعشقن كل ما قد يغير شكلهن من اللباس والمجوهرات مثلا، إلى حد الهوس. لهذا الناس عامة والرجال خاصة ما إن يروا الجمال ينجذبوا نحوه بكل عفوية وتلقائية. فالجمال يفتنهم ويذهب بأبصارهم كونه سحر آخاذ له وقع خاص على النفس. لا يستطيع الإنسان أمامه أن يتمالك نفسه، فيقع في حبه وعشقه. وهذا بالفعل .. على سبيل المثال .. ما وقع لـ"زوليخا" .. زوجة ملك مصر .. لما تتيَّمت بـ"يوسف" عليه السلام، فكل جوارحها وقواها سُلبت وحتى سلطتها ومكانتها صارت لاشيء أمام ذاك الحسن والجمال.
إن الإنسان مجبول على حب الشهوة والتمتع بزينة الحياة والدنيا؛ هذه حقيقة جاء بها القرآن الكريم العظيم. وجمال حواء يدخل في نطاق زينة الحياة، للرجل أن يستمتع بها في إطار الحلال بعيدا عن الحرام. لهذا الإسلام حث على غض البصر "الأولى لك والثانية للشيطان" كما قال عليه الصلاة والسلام لعمر رضي الله عنه .. على ما أعتقد .. ليس لكون جسم المرأة بكامله عورة .. لكن لما تتمتع به أيضا من حسن وبهاء.
والغريب في الأمر أن دراسة أجريت أخيرا بينت أن نسبة الوقت التي يمضيها الرجال أمام المرآة أكثر من تلك التي تمضيها المرأة .. حقيقة غريبة تحيل إلى مدى الإنسان يعشق التزين ويكره أن يظهر دوما في شكل واحد ... انقلاب شامل في الوظيفة، ما كان يرتديه الرجال صار النسوة يتسابقون عليه، حتى أمسينا لا نفرق بين المرأة والرجل إلا بالأجهزة التناسلية .. عذرا على الجرأة .. وشيئا ما بالصوت والشعر.
إذا، أصبح الاعتناء بالجمال موضة يعتني بها الرجال والنساء .. كونها كون الصحة بل تتحداها، إلى حد أن الإنسان بدون جمال يقتنع به، يجعله في مشاكل صحية إذ لا ترتاح نفسيته لمظهره فتراوده أفكار وهواجس تؤدي به في أخير المطاف إلى العبوس أو الإكتئاب .. وهذا خطير.
الجمال يختلف من شخص إلى آخر؛ كَــشَاب قد أرى تلك الفتاة جميلة، تتميز بقوام يعجبني وببشرة نضرة .. فيها مواصفات خَلقية تسحرني، جمال وبهاء يروقني إلى حد التمني بالزواج والاستقرار. وفي نفس السياق وبالعكس، هاته التي ارتضيتها لنفسي وشكرتها بناءا على ذوقي وتذوقي ورغبتي في الحصول على نصفي الآخر ليستكن له فؤادي فتسعد له جوارحي ثم نكمل بعضنا بعضا، يأتي الآخر .. صديقي أو أبوايَ مثلا .. يضرب بكلامي السابق عرض الحائط ثم يعيب فيها خلقها وصفتها أو ينصحني بكل بساطة أن أختار فتاة أخرى غير هاته. هذا لا غرو فيه كونه درسها من خلال منظاره الخاص للجمال واحتكم إلى ذائقته الفنية وهواجسه النفسية وطفق يعيب ويعير؛ فليس هناك شخصا يتجنب انطباعيته في إلقاء الأحكام، أقصد لا أحد يتفادى أن تتخذ أراءُهُ منفذا إلى كلامه وتصريحه الموضوعي.
إذا كانت المرأة على خلق عظيم وظاهريا ليست جميلة .. لا أريد أن أستعمل اسم الوصفي قبيحة "امرأة قبيحة" -1-.. فالجميع يرى ذلك، لأن الكأس ينضح بما فيه، وقِسي على هذا المنوال الإنسان أو المرأة ، تبدو للعيان كما هي كريمة، عفيفة، ظريفة، "زوينة ،، بنت الناس ،، عَمَّرْهَا دار" وغيرها من المواصفات الأخلاقية والفضائل النبيلة .. إنها العدالة الفطرية من تنصفها !! .. والعكس صحيح كذلك .. فشتان بين الجنة والنار .. بين الأبيض والأسود !!
إذن من الناحية الجمالية الناس يختلفون، كل يعمل وفق ذوقه الفني والجمالي .. في حين الأخلاق الكل يعرف بأن ذاك الشخص على خلق عظيم ويدرك جيدا ما يقوله وما يقرُّ به، فلا أحد يفرض عليك أن تقول العكس ما عليه ذاك الإنسان خلقيا أي أن تنافق نفسك وتمدح من لا تحبذه النفس ويستسيغه ضميرك .. سوى إذا كنت حسود أو تتحايل لتحصل على حصة من المال مقابل هذا الإعنات ... والفتاة لا تشكرها إلا أمها أو أهلها .. غالبا .. كما يُقال في المثال الشعبي.
النص جميل وأكثر من جميل .. هذه كتابتك التي تروقني دائماً .. أتمنى أن أقرأ لك دوماً .. وعذرا على الإطالة وعلى التأخير أيضا .. وأتمنى لكِ الفَتاء والفُتوَّة والجدَّة والإبداع مع خالص تحياتي وفائق احترامي.
1-لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن تقبيح خلق الله !!
ادهشني هذا البوح الصادق العفيف الراقي والذي بلغ منك مكانة قصية ففاضت الروح وتوجع القلب وتاه العقل بشروده بين ضمير الواجب وبين توق الوجود لنملك من يبدو اقرب الى النفس والخيال المرسوم لطرف عز علينا ان نحظى به لظروف مبهمة او لا سباب خارجة عن مبررات الامكانية المحيطة
ولان ليس كل البشر بسوية التدفق علوت هنا بصدقك وبميولك
ولعلي اعزيك بقول الجاحظ لمن مثلنا عرف الحب رغم استحالة الاسباب قوله:الحب شيء مثالي ان اباح فسد
فدم بحبك الراقي وضمه بين ضلوعك وضمه بين اهداب المنى وجفون الحلم واجعل وصالك دعاءك لربنا الكريم بالجنان
كم للصدق عنوان وهنا عرفته.
http://aljamih.blogspot.com
إرسال تعليق
"ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد"